بصفة عامَّة، نَتَّفِقُ في الرُّؤى مع الحكومة، وغَالِبِيَّةِ القوى السياسية، والرأي العام- على وجود تهديداتٍ وتحدِّيات غير
مسبوقَةٍ تواجِهُ الأمنَ القوميَّ المصري، في مختلف الاتجاهات الاستراتيجية الجغرافية، وفِي الدَّاخل أيضًا.
خارج الحدود يُهدِّدنا مشروعُ السَّدِّ الإثيوبي، وتباطؤ الإقليم والعالم في إدراك جدِّيَّة الخطر الذي يُمثِّله المشروع
على مصدر المياه الرئيسي لمصر: حرثًا ونَسْلًا، وحاضِرًا ومستقبلًا
ويهدِّدنا من الغرب والشمالِ الدَّوْرُ التُّركيُّ المتزايِدُ في ليبيا وفِي مياه المتوسط، طِبْقًا لما يسمِّيه الرئيس التركي
«مشروع الوطن الأزرق»، حيث يسعى إلى مَدِّ منطقَتِه البحرِّيَّة الاقتصادية إلى حَدِّ التَّماسِّ مع منطقة مصر
الاقتصاديَّة في شرق المتوسِّط، وقُرْبَ ليبيا، ويأتي ذلك مع تَزايُدِ احتمال نُشوبِ أعمالٍ حربيِّةٍ على حدودِنا الغربيَّة،
بعدَ أن حَدَّدَت مصرُ خطَّ «سِرْت- الجُفْرَة» بِوَصْفِهِ الخطَّ الأحمر لمصالحها الأمنية هناكَ؛ دَرْءًا لتحوُّلِ شرق ليبيا
إلى مَصدَرٍ للإرهاب والقلاقِلِ داخلَ حُدودِنا... كُلُّ ذلك إلى جانِبِ الـمُجَابَهَةِ السياسيَّةِ والإعلامية التي يرعاها
الرئيسُ التُّركيُّ -شخصيًّا- ضِدَّ مصر، من خلال جماعاتِ الإسلامِ السِّياسِيِّ، وعلى رأسها الإخوان.
وفِي الشَّرْق لا يزال خطر الإرهاب ماثِلًا في سيناء العزيزة، وفِي استمرار اغتصابِ اليَمينِ الحاكِم في إسرائيل
لحقوقِ الشَّعبِ الفلسطينيِّ، وعَزْمِهِ على ضَمِّ مَساحاتٍ واسِعَةٍ من الضِّفَّة الغَربيَّة، وبناءِ المزيد من المستَوْطَنات،
بِتأييدٍ أمريكيِّ عَلَنيٍّ، بما يُثيره ذلك من اضطراباتٍ قَد تَشْمَلُ: غزَّة والأردن، إلى جانب الضِّفَّة. ولا تَنْفَصِلُ هذه
التَّهديداتُ -بطبيعَةِ الحال- عن البيئةِ شَديدَةِ الاضطراب في عُموم الإقليم، من اليمن، إلى الخليج، وإيران، والعراق،
وسوريا، ولبنان، ويؤجِّجُ من هذه الاضطراباتِ التَّدَخُّلاتُ الدوليَّةُ المتعدِّدَة، خصوصًا من روسيا والولايات المتحدَّة.
يرى الحزبُ ضرورةَ التَّمَسُّكِ بسياسة الخطِّ الأحمر في ليبيا؛ لأنها أصبحَت تَتَعَلَّق بهَيْبَةِ مصر، وبالثِّقَةِ في كَلِمَتِها،
مع ضرورة تخفيفِ التَّوتُّراتِ السِّياسيَّة في الداخل المصري؛ دَعْمًا للجَبْهَةِ الدَّاخِليَّة، وللرُّوح المعنويَّة؛ ودَرْءًا لأي
تشكيكٍ مُحتَمَلٍ في دوافع التَّحرُّكاتِ المصريَّة. ومن الخطوات المهمَّة في هذا الصَّدَد: تَصْفِيَةُ حالاتِ الحَبْسِ
الاحتياطيِّ، وإتاحَةُ حُرِّيَّةِ التَّعبير، وإفساح المجالِ للأحزابِ السياسيَّة للحَركَة والنَّشاط
وفِي موضوع السَّدِّ الإثيوبي نوصي بِكَشْفِ كلِّ الحقائق حَوْلَ نِيَّاتِ إثيوبيا -وشُرَكائِهَا- مَحَلِّيًّا، وإقليميًّا، وعالميًّا،
وعلى أعلى المستويات، وأَنْ يُصاغَ الموقفُ الرسميُّ المصريُّ على أساسِ اسْتِنْفادِ كُلِّ فُرَصِ التَّسويَةِ السِّلميَّة،
المبنيَّة على تحقيقِ المصالح المشتَرَكَة للشَّعْبَيْن: المصري والإثيوبي
في الشأن الفلسطيني، نُعْلِنُ رَفْضَنا الجازِمَ لِضَمِّ إسرائيلَ لأيِّ جُزءٍ من الأرض الفلسطينيَّةِ، وكذا نُؤكِّدُ على الرَّفض
القاطِع لِبناء المستوطَنات.